هل يمكن لنا أن نقوم بالربط، كدلالة ذهنية بين السياسة والطبخ، لقد فكرت في ذلك الأمر فلم أجد تفاوتاً كبيراً بين الأمرين، لا سيما إذ كان الذي يقوم بالطبخ على قدر من الخبرة والتجربة وتتوفر لديه في الثلاجة أو على الطاولة أو في غرف التخزين ما يحتاجه من مواد لطبخته القادمة.
ومن الصفات التي يجب أن تتوفر في الطباخ الماهر هي أن يشعرك بالنظافة الكاملة والقدرة الفائقة على التحلي بالصبر والأناة في كل ما يفعله ولا داعي للعجلة والتسرع الذي يمكن أن يفسد الطبخة كلها إذا استعجل ويحرقها تماماً إذا طالت المدة.
هناك إذاً من يدرك أن الوقت بالنسبة للسياسي والطباخ على قدر كبير من الأهمية القصوى، لأن السياسي إنما يقدم دائماً وصفاً كبيراً ومثالياً لما يمكن أن يقدمه للجمهور، وهو على علم تام أن مسألة الوقت الذي يلعب على وتره الحساس مهمة، فقد ينقص الكثير مما وعد به لمن قام بانتخابه حيث إن الوقت الذي مر كفيل بأن يتنازل قليلاً أو حتى يتناسى تلك الوعود الخلابة فيأخذ ما تحقق ولو كان يسيراً ودون الأمل الذي وعد به نفسه بناءً على الوعد المقدم من السياسي.
كذلك ذلك الشخص الذي يقدم لك طعاماً فهو كما السياسي يلعب على ورقة الوقت ويراهن على مسألة الجوع الذي يأخذ مساراً تصاعدياً يستفيد منه في عدم قدرتك على الخيارات التي سبق وأن قدمت لك الأمر الذي يجعلك تقبل ما تيسر وقد وصف المثل الشعبي في الجنوب ذلك وصفاً جميلاً ومؤثراً حيث يقال: (أبطئ على الجايع فتان الخبزة).
لننقل المشهد على الساحة السياسية الدولية ومع هذا الصيف الساخن نشاهد (خالد مشعل) في القاهرة على رأس وفد من دولة حماس الكبرى، ونشاهد مبعوث الرئيس الأمريكي في (دمشق) خصوصاً على هذا المستوى من التمثيل، يزور دمشق وفد عسكري أمريكي، وإسرائيل تعد خطاباً قادماً يحمل كما يقال تنازلات مؤلمة وهو خداع سياسي يأتي بديلاً للحقوق المشروعة ذلك اللفظ الذي تم دفنه منذ زمن طويل.. المنطقة جاهزة لطبخة جديدة، وهذا الزمن الطويل الذي استغرقه إعدادها هو الكفيل بتقبل جميع الأطراف لوعد طال انتظاره ولا يمنع بالتأكيد أن يتنازل الطرف الأضعف والأكثر جوعاً للطرف الآخر.
عزيزي القارئ لا تستغرب إذا شاهدت محلاً يقدم لك الطعام واسمه شواية السلام.. وسلامتكم.

0 تعليق