حين كان يتحدث إليّ لم أصدق للوهلة الأولى تلك التفاصيل التي تربك أي إنسان على أن ينتقل من موقف إلى نقيضه ومن تعلق بالأمل في الشفاء إلى رؤية سوداوية يعلم الله بدايتها ومنتهاها خصوصاً إذا كان الحديث عن مرض ربما يتطور مع مرور الأيام والليالي وإذا ما تعلق الموضوع بأن يكون المريض هو أحد أبنائك.
ولأن هذا الصديق الذي يبدو كأبرع القاصين في سرد التفاصيل الدقيقة وهو رجل يمثل الدقة والحرص ومعرفة تاريخ المرض له ولغيره بالبحث في الكتب والمجلات وعبر ما يقدمه الطب من جديد كل يوم تشرق شمسه.
ابنته يحفظها الله كانت تعاني من انحناء في العمود الفقري منذ عدة سنوات وخشية أن يتطور ذلك رأى أن يكشف عليها لدى أحد المستشفيات في الرياض والذي يتمتع بسمعه طبية ، وكانت النتيجة أن تم تقديم المشورة بانه لابد من التدخل الجراحي على خطورته القصوى لتفادي تطور هذا الانحناء إما بإيقافه أو تعديله ، وحيال هذا الأمر فإن الأم والأب قررا أنه من الأفضل معرفة رأي طبي آخر لا سيما وأن الرأي الأول قد قرر إجراء العملية بفتح الظهر ، وحين اتجه القرار لرأي آخر وكانت الوجهة إلى مستشفى كبير ويضم نخبة من الأطباء على قدر من العلم والكفاءة و(التخصص) المفاجأة أنه تم تأكيد فكرة التدخل الجراحي من أشهر الأطباء في ذلك المستشفى حيث أن نسبة الانحناء هي 52% وانه لابد من إجراء العلمية من تحت الإبط الأيسر ، الدهشة وخوف كبير يسيطران على الأم والأب لكن لا مناص من إيجاد علاج بشكل أو بآخر . تقرر موعد العملية لكن دراماتيكياً قام بإرجاء الموعد لظرف خاص بالطبيب نفسه، ولأن صاحبي لديه القدرة على السفر فقد تم عرض ابنته على مجموعة من الأطباء في لندن وللدهشة الثالثة فقد قرر الأطباء إجراء العملية لكن بفتح طولي من الأمام ، هنا أصاب الرعب والخوف الأم والأب على حد سواء ، انتظروا أشهراً عدة ثم جاءت مناسبة لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية ولدى أشهر الأطباء هناك تم عرض جميع التقارير التي رشحت من المستشفيات في الرياض ولندن وصورة الأشعة وهنا كانت المفاجأة الكبرى التي أثلجت صدر الابنة والأم والأب حيث رأت الأم الدهشة على وجه الطبيب الأمريكي واستغرابه الشديد من هذه التقارير المغلوطة والتشخيص غير الدقيق وغير العلمي ، قال الطبيب نسبة الانحناء هي 38% ولا يحتاج لها حتى لعلاج طبيعي فكيف بالتدخل الجراحي. هذه قصة حقيقية أعرف جميع أطرافها والرعب الحقيقي : كم من مريض في المملكة لا يملك القدرة المالية ولا المعرفة ،هذه هدية للمسؤولين عن الصحة في الوطن الذي يدفع المليارات في هذا الشأن .
نهاية الكلام : يا حليل الضعيف وسلامتكم.
05/04/10

0 تعليق