حين صافحت عيناي مفتاح الأحرف الذي يدخلك أسرار دنيا الكمبيوتر، أصابني فزع حقيقي، كان القلم أسعده الله مطواعاً بين الأيادي يترجم الفكرة تلو الأخرى دون اختيار الأحرف ومتابعتها المريرة ثم ذلك الزمن الطويل الذي تأخذه منك الكلمة ليمكنك اختيار الجملة ثم هذا الضغط السلحفائي لمعرفة موقع الحرف، في بداية الدخول لهذا العالم نحن الذي نتمتع بأمية كبيرة في هذا المجال لا يمكن لنا أن نحرق المراحل بالسرعة المبتغاة ، ولا بد لذلك أن يتطلب منك معرفة حقيقية لهذا العلم القادم وليس الطارئ، هذا العلم الذي سوف يقصيك عن الخريطة إذا لم تكن الجزء الفاعل من خلاله. أظن أنني استرسلت أكثر مما يجب، قلت لواحد من الأبناء الذي يتفوق عليَّ علماً ومعرفة وإدراكاً عجيب أقف منه فاغراً فاي يعني بالجنوبي أنا (فغره).
كان يقول لي دائماً أيها العظيم والكاتب الهمام أعتقد أن المسألة بمنتهى البساطة ثم بدأ يشرح لي مجموعة من الألغاز التي لا أستطيع متابعة فك رموزها الواحد تلو الآخر وباعتباره على عجلة من أمره.. قلت له يابني (خذني على قد عقلي) كما يقول الرائعون في منطقة الحجاز أنا لا أريد منك سوى كتابة الخطوات واحدة تلو الأخرى لفتح لغز هذا الجهاز الذي يطلقون عليه الكمبيوتر، ومن ثم إذا يسر الله ندخل على الإنترنت الابن لم يقصر رغم الاكراه، تطورت أدواتي قليلاً قليلاً ثم ظهر لي منافس عتيد وهو الأستاذ الشاعر الجميل: محمد العلي فإذا به ينافسني في معرفة هذا الفن الجديد والمدهش وأحسست بمدى أميتنا في هذا المجال.
حين أحسست بنوع من الثقة طالبت من أحدهم بتعليمي كتابة النص وكان ما كان، لكن رعباً امتلك عليَّ كل الجهات فقد بحثت عن حرف الذال فلم أجده، مسحت بعيني كل الأحرف لكنه غير موجود، مسحت نظارتي ولكن ذلك لم يفلح، صبرت أياماً كثيرة، كتبت نصوصاً حاولت فيها أن أجتنب حرف الذال وتذكرت واصل بن عطاء إمام المعتزلة في تجنبه حرف الراء. لم أستطع صبراً سألت صديقاً أين حرف الذال أشار إليه فإذا به هناك في اليسار بل في أعلى اليسار جهة القلب فمن قام بإخفائه؟
—————-
المصدر: صحيفة الرياض
0 تعليق