العزاء

17 ديسمبر، 2014 | قصص قصيرة | 0 تعليقات

أدركت بحس الأم، الذي اختلط بحس الزوجة الرفيقة، أن هذه اللحظات، هي آخر ما تبقى لها من هذه العشرة التي لم تفارقه، إلا لعمل بمفرده، كانا يتقاسمان الفرح والحزن، الكسب أو الخسارة، كانت الابتسامة في جميع الأحوال قوتهما اليومي. عيناه لا تركِّزان، كانت ملاصقة لوجهه، ترغب في داخلها أن يكون وجهها آخر مشهد يراه، الجميع بجانبه الأخت، والصديق، والأبناء، وصوت من أقصى الأرض يناشده التريث، لكن الذي يصل في موعده، لا يسمع ولا يتريث حين شعرت بحس الأم الزوجة، أن لوناً ساحراً بدأ يتسلل إلى ملامحه، ابتعدت عنه قليلاً، ثمّ ما لبثت أن ابتسمت، ودمع صامت، ينحدر وبكاء يصدر عبر الآخرين عداها. مسحت بأصابعها الدمع الصامت، واقتربت منه قبّلت جبينه، وانخرطت في بكاء شائك. ثلاثة أيام، ودمعها لم ينفد، تشاهد الوجوه وكأن غمامة، تغطي الوجوه.. تعرفهم واحداً واحداً، لكن صورة وجهه الساحر يسكن تفاصيل الأشياء. تدخل عالماً من الصمت الموحش، لمحت من بعيد حذاءه الرياضي، ربما يعود؟ يعرف أنها ستكون وحيدة وخائفة ليته يعود… ينقذها من حصار الوجوه. يباغتها البكاء وتتلاشى الوجوه، يسود صمت يخترق الصمت: اذكري الله، العزاء يمنحها غربة ويملأ جسدها الناحل بصقيع الوحدة الرابضة التي ترقبها عن بعد. في اليوم الرابع يصل صقيع الوحدة.. الأبناء.. يتملمون.. يعودون إلى أعمالهم.. إلى جامعاتهم.. نظرات خجلى تخشى أن تبوح برغبتهم، في المغادرة……. خجل يحاصرهم. بثينة: لا بأس سأجمع أحزاني، سأهرب منه إليه.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *