بلاغ كاذب

24 نوفمبر، 2011 | الحكاية تبدأ هكذا | 0 تعليقات

دقت الساعة المتعبة الواحدة بعد منتصف الليل .. مد يده المثقلة بالنعاس .. سقطت أصابعه على غطاء صوفي .. عمر به جسده المتكوم تحت غطاء آخر .. رفرف طائر النزم .. إنسل من بين جفنيه .. خرج من النافذة .. مكث يرقبه حتى .. توارى في رحم اليل .. أيضيء النور ؟ يقرأ .. كذب كلها الحياة .. أيصفي لهذا الصندوق الثرثار .. لا بد له أن يسمع عن هذه الحروب القذرة ..

تلك البيانات المتتالية عن الشرف والبطولة .. عن ذلك المجد الوهمي .. الموت للشعوب .. البقاء للقادة .تلك هي الحقيقة . استوى جالساً . أخذ كأساً من الماء البادر قذف به القطة الغافية .. تموء فزعة .. حسدها على غفوتها .. نفضت شعرها مراراً .. تكومت مرة أخرى واندست في غفوتها من جديد. نهض من فراشه .. استمع إلى المزياع .. سقط مؤشره على اتصال غريب سمعه للمرة الأولى  .. نبتت في صدره أشجار الفضول .. أصغى للصوت في هدأة الليل .. حول .. حول.. كل شيء تمام . يسري الصمت لفترة قصيرة ينبثق من المذياع صوت آخر : عمليات عمليات .. قبضنا على شاب له شعر طويل ومعه امرأة .. أفاد بأنها زوجته .. حول . عوض الله عن برامج التلفزيون المملة .. ذهب إلى المطبخ .. صنع لنفسه إبريقاً من الشاي وحمل المذياع معه . النوافذ مغلقة .. كل شيء تمام . صدر صوت .. أصغى العلميات معك : أطلب من الشاب إثبات شخصيته حاضر يا أفندم انقطع الاتصال . سمع صوتا ًداخل المطبخ .. نظر فإذا القط يغرق في نعاسه .. سار بهدوء.. تحول إلى أذن كبيرة وصل إلى باب المطبخ .. كانت عصا المكنسة في يده .. فتح الباب .. تذكر الأفلام الأمريكية فإذا به في مواجهة رجل . عقد الخوف لسانه .. واحد من هذه الجنسيات التي فاض بها البلد .. كان جسده قويا ً.. والمفجأة على وجهه .. تراجع إلى الوراء بحذر .. مد يده إلى الخلف . سقطت فوق سكين . عمليات . عمليات : الشاب معه هوية .. المرأة غير مضافة معه ما العمل ؟ 9 قلت هذا اسمه الثلاثي .. إنتظر حتى تأتيك الأوامر . عمليات 21، 15، 19، 107 الإجابات متشابهة .. وكل شيء يميل إلى الهدوء . الطرقات خالية من المارة . عمليات عربة الدورية رقم 9 بحاجة إلى رافعة لسحبها .. لم يستطع التقدم إليه . نظر الرجل يمنه ويسره .. يبحث عن كل مكان للهرب .. بيده كأس مملوء .. دقت الساعة المتعبة ، بردت أطرافه .. أحس بحلقه جافا ًكنفق تصفر به الريح .. مرر لسان فوق شفتيه .. حاول التراجع .. قدمه لاصقة .. يحاول سحبها .. لا فائدة الرجل يمسك السكين . نظر إلى النافذة .. حاول أن يصرخ .. صوته مدفون في داخله. عمليات . عمليات . أفاد الرجل بإنه إبن الرائد .. لم يسمع الإسم .. حول .. العمليات معك . خذ رخصة القيادة وأطلقه. أحس بجسم ناعم يمر بين ساقيه .. امتلأ رعباً .. عيناه متصلبتان ووجه الرجل الغريب أصبح مألوفاً .. ومنتشرا ًعلى أعمدة الكهرباء .. الهاتف .. المطاعم .. الفنادق .. المطارات.. السيارات . وجه الرجل الغريب غطى كل الوجوه المألوفة .. الغربة العكسية ملأته منذ زمن .. الجسم الناعم يحتك .. لم يطق صبراً .. صاح بلا وعي .. إنفجر صوت اشبه بالمواء .. شعر بأسنان حادة تنشب في ساقه وينبثق الدم نازفاً .. لحظة الرعب المضاعف .. استغلها . الوجه الغريب المألوف .. دفعه .. سقط أرضاً .. إنطلق داخلا ًإلى ظلام الخارج . الدم لا يزال ينزف .. إتصل هاتفياً .. أجابه صوت متثائب .. أنت إسمك أيه؟ أنا فلان . والدم ينزف مني .. والصوت النائم .. نزيف ؟ نزيف من إيش ؟ لم يستطع الصبر . أغلق السماعة .. خرج .. الدم ينزف .. الشوارع خالية ..ضوء أزرق قادم إليه .. سقط .. استيقظ داخل عربة رسمية .. أصاخ السمع .. ألو عمليات … معنا جريح يهذي .. أفاد بأن قطته تسببت في نزيف الدم وأن هناك لصاً قد اقتحم منزله . قمنا بتفتيش المنطقة . لا يوجد أحد .. الحالة مطمئنة .. نعتقد أنه مريض . أغمض عينيه.. وجد نفسه مسجوناً .. رجله اليمنى ملفوفة بالشاش . سأل العريف في مواجهته عن سبب بقائه .. إلتفت إليه طويلا ً.. قال أن مسجون بسبب الإفادة الكاذبة . دقت الساعة المتعبة الثامنة صباحا ً. تذكر القط والغريب والمذياع .. ضحك بصوت مرتفع نظر إليه العريف شزراً هز كتفيه هامساً : أهل العقول في راحة .

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *