صوت المكيف .. دقات الساعة المتتابعة ، صوت عربة مارقة .. والصمت ينداح .. كتاب قديم ملقى فوق بلاطة مربعة .. مربع .. مثلث .. دائرة .. سداسي .. كل شيء في هذا الوجود محدد مغلق .. حتى حياتك . الكتاب لا غلاف له .. أصابعي المعروقة تمتد إليه .. يدي ترتد إلى فمي .. بلساني أبلل الإبهام .. الصفحات لا شيء .. بمنتهى الهدوء .. أرفع الكتاب وكأني أزنه ..
بشدة مفاجئة قذفت به إلى الجدار المقابل .. مهتري فليتمزق .. بقبضة يدي .. أضرب الأرض بشدة .. ألم يصعد إلى ذراعي .. أوراق الكتاب تتناثر هنا وهناك … تتطاير . تناولت ورقة .. قرأتها .. ابتسمت ..الوحدة خير من جليس السوء .. أفكاري تتابع .. أأدخن ؟ .. لأجرب مرة .. ها هنا سجائر الأصدقاء .. سحابات ودوائر وهمية .. أحببت تسعين مرة .. ورجعت لا شيء سوى الندم .. الغضب .. الخيانة .. حصاد كريه .. لكنه واقع .. الخيانة قد تبدأ من الطرف الآخر ومع ذلك فأنا لا أبريء نفسي .. التركيبة واحدة .. الطبقة الاجتماعية ليست واحدة .. الرغبات سلبية أو إيجابية تتشابه .. إمرأة ورجل هو الفارق .. الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل .. عشرة أيام متوالية لم أراها الرتابة .. التكرار .. هذا الطبق اليومي .. نأكله لكي لا نموت جوعاً .. نخلق الأحزان نبتكرها أول النهار وتستعبدنا آخر الليل .. أتحدى كل البشر أن يكون منهم من يستطيع ممارسة الحرية كل الوقت .. .. السيجارة تنتهي ولا أكتشف سحرها الذي حدثني عنه عمي .. كانت كل همومه ورقة (بلوت) وسيجارة وقدحاً من الشاي الثقيل وحكمته (الرازق في السماء) نهضت .. تجولت في المنزل .. وفي الظلام اخترته .. النور في كثير من الأحيان يفقد الإنسان بهجة الاكتشاف .. المعرفة .. من الصعوبة بمكان أن تعيش في زمن تعرف فيه كل شيء .. كل شيء .. صورة قديمة تأتي من بطن الظلام .. بلونها .. برائحتها الغرفة الصغيرة .. الاستقبال الحافل والدعوة لعشاء مفاجيء .. مع إننا تناولنا الكثير في تلك الليلة .. الأم ببساطة الحب .. تدفعنا.. بإصرار .. وإيمان غليظة على الأكل المتنوع المليء بالدسم .. وترفع الأطباق. الفتاة الصغيرة السمراء .. اشتريت لها عقداً من الياسمين .. عيناها تبرقان .. تتحدثان .. تقول : شكراً .. تنفلت داخله .. شقيقتها الكبرى .. تدخل بهدوء .. تسلم تأخذ مكانها ..نظراتها تقول كل شيء .. الحديث عن الابنة الغائبة .. وصديقي يشرح للأم ويطمئنها .. تسأل عن دقائق الأمور . المعيشة . السكن . هذا الجهاز هدية من الحبيبة الغائبة .. تشير بيدها . السمراء الصغيرة تقترب من ي كأنها تود أن تقول شكراً .. تعود مرة أخرى .. بيدها صور متعددة لأنواع من السيارات الفاخرة .. قالت بصدق مفزع ألا تود أن ترى ماذا اخترت ؟ هذه لي وهذه لأمي وهذه لأختي . كلهم يشاركون .. نظرات إلى العيون .. تحب الحياة .. تستمع بكل الأشياء لأنها لا تملكها .. لا زالت في دائرة الحلم .. أحلامنا تتحقق .. بسرعة .. السخط والتذمر اختفت الصورة . التنظيم الذي تركته لم أحدث به أدنى تغيير .. تعرف أنني أحب الفوضى .. أجبرتني على تغيير كثير من طبائعي ..الرائحة تملأ الغرفة (سوف أعود سريعا ً.. لا تقلق ) صوتها يأتي عبر المسافات عبر الليل والذكرى .. نتحول إلى أطفال صغار .. ترضينا لكلمة .. مسحة اليد الحانية فوق الشعر أقفلت باب الغرفة .. أخشى على رائحتها النفاد .. لا أدرى عن ظروفك.. أتعود سريعاً .. أم ستغيب والطريق طويل جداً .. والليل .. هل هو للشجعان فقط؟.. للمحبين فقط؟ .. والجبناء ماذا تبقى لهم والمعدومون ماذا لهم ؟ النهار للعاملين .. والجبناء والمعدومون ماذا لهم ؟ صاح .. لا أدري .. لا أدري .. أدار المذياع .. نقدم لكم هذه الليلة حفلنا الساهر .. تصفيق تام . تباكي .. تصفيق .. الباب يصفق بقوة .. داخلي شيء من الخوف.. قمت في هدوء نظرت هنا وهناك .. لا شيء غلا الصمت .. استلقيت فوق السرير بثيابي كاملة. المذياع مرة أخرى .. وإلى هنا تنتهي برامجنا .. جسد يتسلل إلى الفراش .. نظرة إلى قطتها الصغيرة افتقدتها .. جاءت إليّ .. هل أنا بديل حب وحنان ؟ إبتسمت .. مسحت بيدي ظهرها .. تكورت .. وغفت . لا زال الصمت ثقيلاً والقلب مليء بالهزيمة .. وسحبت الغطاء فوق وجهي. 01/09/1395هـ

0 تعليق