أعرف أنك أيها ((الجرح)) نقي وموجع .. أعرف أنك أيها ((الجرح)) عميق ومتداخل .. أعرف أنك أيها ((الجرح)) حكاية تروى وتاريخ يحكى .. يسمعك الصغار.. فيكشفون عن أجسادهم الصغيرة يبحثون عنك .. لن يجدوا شيئاً لكن أجسادهم التقطتك. أرأيت لقاح الثمار كيف تحمله الريح .. كنت محمولاً كحكاية العشق الأول .. أعرف أنك أينها ((الجرح)) خبزاً للفقراء أنت ما بين الحلم
والواقع .. يحدك الوقوف والوصول .. يحدك البكاء والضحك .. إلا أنني سأستأذن في الدخول إليك .. سأمكث فيك ساعة .. أجاورك وأنت القضية ..أيمكن لك أن تتحدث .. لن أنتظر إجابتك .. لن أستأذنك في الدخول وأدرك أنني سأخرج منك معافى .. كانت القطة في هذه اللحظة تموء.. وكنا في شهر لقاح الثمار .. كانت الأرض تنتظر الربيع والأطفال على بوابة المدرسة والريح باردة تدخل الريح جسد الطفل .. يرتعش الطفل .. يغوه شعور موجع وكريه يغزوه البكاء .. فيصرح .. يلتفت الأطفال إليه .. يمعنون النظر إليه وينخرطون جميعاً في ضحك متواصل.. يتضاءل الضحك .. يتسرب الضحك عبر البوابة إلى داخل المدرسة ويغلق الطفل الأخير على صوته باب المدرسة . كف الطفل عن البكاء .. نظر إلى الأب .. فوق أرضية الشارع جلس الطفل بعثر دفاتره .. كتبه .. قلمه الصغير . أخذ الحبر دلقه على الشارع .. جمع دفاتره .. كتبه أعطى القلم لوالده .. قال لحارس المدرسة : صباح الخير . لم يعره الحارس انتباهاً .. انتباهه تلخص في ثلاثة خطوات نحو عربة سوداء اللون في كلمتين سقطتا فوق الحبر المدلوق في بسمة واحدة لم تستطع المكوث فوق وجهه وسقطت فوق الكلمتين .. انتظر الطفل وحين عاد إلى الباب قال له : قلك لك صباح الخير .. كان الحارس كئيباً وهز رأسه للطفل وسقط رأسه إلى الأرض… رفعه إلى هزة مراراً وخرجت من أذنه فكرة الشاي أم القهوة وفكرة الزوجة أو العربة وفكرة الهجرة أم المكوث وفكرة النقود الفضية أم الورقية . هزه مراراً وخرجت من عينيه صورة اللون .. وصورة .. الحبيبة وصورة النهر الدافق . ضحك الطفل طويلاً.. أعاد الرأس .. وقال له الحارس أشكرك لقد منحتني اللحظة التي كنت أنتظرها وحين استدار الطفل داخلاً فتح الحارس الباب لكل الأطفال .. قال لهم .. من الآن وصاعداً سأقوم بحراسة نفسي أما أنتم أيها الأطفال .. فالنساء الحبالى سيلقون إليكم درساً في الدخول إلى اللعبة .. سيلقون إليكم درساً في كل الألوان .. إن اللون الأخضر ميعاد التعب القادم إن الأزرق ميعاد السفر العلوي .. إن اللون الأبيض ميعاد الغيمة مسروقاً من داخلها الأمطار .. إن اللون الأسود ميعاد التربة .. إن اللون الأحمر ميعاد الميعاد .. يخرج الأطفال .. تحول الحارس إلى سحابة سوداء .. اغتسل الأطفال اختفى الحارس .. النساء الحبالى يهملن ثمار الانكسار اليومي .. هزت الريح النافذة .. ومرق في الشارع بوق العربة .. سعل رجل في فراشه .. حتى هذه اللحظة كانت الكتابة مفتعلة .. وكانت الصورة الرغبة أقل حدة .. ولها لون هادئ مميت .. العبارة لم تصل إلى ذروة الحرارة المشتهاة .. وجوه الأصدقاء أصبحت أكثر ذكاء .. وهذا متعب حتى هذه اللحظة الكتابة لم يعد لها فعل السكين.. أصبح لها فعل القطن المبتل البارد فوق ((الجرح)) . لحظة الكتابة لم تصل. أنت مليء بالخبث .. مليء بالخبل .. مليء بالخدر .. أنت مليء بالحذر .. مرحلة الحذر أيها الجرح تلك هي مرحلة الجبن عند الشجاع .. الآن الفعل الوارد فعل الاختبار.. فعل الالتفاف .. كان ساقها جميلاً وملتفاً ومتكللاً .. ذكرني ساقها بغمامة بيضاء .. انطلقت كحمامة .. وحين فردت جناحيها دخلت فإذا بالدفء يسري بين الكتفين .. ذلك الشعر الخفيف فوق سلسلة الظهر .. سرى الدفء وحين وصل إلى قاعدة العنق المستديرة أخذ يصعد ملتفاً .. وأخذ المطر الموسمي يهبط على العنق وعلى منابت الشعر هطلت الأمطار . لم يكن لديّ ما أقوله لك يا سيد الحلم والاحتمال . . وكنت أعرف أنك لا تحسن إلا الحديث والزواج من زوجة لا تنجب .. يا سيد الحلم والاحتمال ليس لديّ ما أقوله لك .. أيها المعذب بنفسك من حولك .. يا سيد الحلم والاحتمال أنت وجه ذكي .. ليس أغبياء على كل حال .. لكنهم ضعفاء وأنت سيد مطاع وقلبك يطمح إلى بقاء مرحلي . لأنك ستغرق في البقاء الكامل وهذا ليس هدفك .. كنت جميلاً ورائعاً .. كان صمتك هو وجهك الناطق وكان فعلك القادم هاجساً وحيث تحدثت وأفضت أصبحت الغرفة مليئة بالأحزان وعلب الكبريت الفارغة ومقاطع من قصيدة مات شاعرها بعد كتابتها تماماً .. حديثك هذا .. كان معبراً عن تلك العبودية اللاصقة في قاع البحر .. ذلك جرحك الخاص بك .. اعترف هنا أنه اكتشف جرحك أتعرف من الذي هزم صاحك الذكي هذا .. ذلك الوجه الصغير .. ذلك الوجه الذي لم ينكر صوت آلام الأرض حين أصابها المرض.. ذلك الوجه .. كان حضوراً بريئاً ودافئاً .. هزم صاحبك الصدق .. وهزمه غموض الخصم وصاحبك هذا يكتشف الجروح. حى الآن لم أعرف كم من الوقت مضى .. إلا أنني شعرت بأن أناقتك المفرطة تفقدك تلمس وجه صديقك حين أراد أن يهرب قليلاً .. سألته .. ولم يجب كانت لنار في المدفأة هاجساً .. ثم وهماً .. ثم احتمالاً .. لم يحتمل أن يراك قريباً ومتناغماً فآثر الدعة والارتياح .. كان حرجه غريباً وناعماً ومنتشراً . 24/03/1401هـ
0 تعليق