
دون شك يمر مجتمعنا بتحولات جذرية، بعد أن عبرت فوق أحلامنا وأمنياتنا ما يقارب ربع عقد من الزمان رياح هوجاء ترتدي رداء الدين، تتاجر به، وتقتل به، وتعيد المجتمع الذي أخذ مكانه بهدوء بين المجتمعات العربية والاقليمية التي سبقته، وأعادته هذه الرياح إلى المربع الأول من الانعزال والهرب إلى الداخل، بل في مواجهة الموت والفناء بشكل لا يصدقه عقل ولا يتفق مع
منطق، وها نحن بين آونة وأخرى ندفع ثمن تلك الرياححتى يومنا هذا. ولعل من يتابع هذا الفضاء وبرامجه يدرك وكأن هناك مؤامرة تحاك ضد الدين النقي الذي عرفه الآباء والأجداد، هذا الدين المتسامح، الدين الذي يبني الحياة ويعمل على تطوير الإنسان وعمارة الكون. ويقيناً فإن بعض المحطات التي نذرت نفسها كما يبدو للذود عن الدين تقوم وبشكل متعمد بالتشويه وبث الكراهية والعنف ضد الآخر ، والاستهزاء الذي لا يليق بهذا الدين العظيم الذي لم نفهم أسراره ومقاصده حتى هذه اللحظة، بعض هذه المحطات تمنح الآخر السبب أو المبرر لمهاجمة الدين وجموع المسلمين والعرب عندما تجد في كل يوم وليلة ولادة «داعية تلفزيوني» لهذا الفضاء الرحب الذي منح أنصاف الجهلة بالدين والثقافة والسياسة مجالاً واسعاً، والنقطة التي أود الوصول إليها هي هذا الكم الهائل من الفتاوى التي أصبحت تأخذ شكل الموضة بغرائبيتها وتوقيتها المشكوك فيه ونحن لازلنا نداوي جراح غزواتنا الإسلامية الجديدة التي لم تقتل سوانا ، ولم تؤخر إلا بلداننا ونحن ندفع فواتير كثيرة هنا وهناك ، وهذا بطبيعة الحال هو عبء على خططنا لبلداننا وتأخير في تنفيذها. ولعل جريدة الوطن قد دخلت من باب عملها الصحفي هذا الصراع المكشوف فضائياً وأرضياً وصحفياً، ولقد ابتسمتُ كثيراً حينما أطلقوا على أحد الفتاوى الجديدة مسمى «فتوى صيفية» وهذا يعني ان المجتمع لابد له ان يعد العدة في كل فصل من فصول السنة ليستقبل «فتوى شتوية» و«فتوى ربيعية» وأخرى «فتوى الخريف». الأمم تدخل المعامل والجامعات والمدارس والمصانع لتمنح هذا العالم المزيد من التحضر والتقدم، تقدم في كل يوم كشفاً طبياً هائلاً ، وتقدم للعالم الكثير من المنجزات التي يفتخر بها العالم من مختلف مشاربه ودياناته لأن ذلك إنما يحسب إضافة ذهنية لهذا العالم والذي يرتكز بطبيعة الحال على الدين أو العقيدة التي تثق بقدرة العقل البشري. لن أكون متشائماً ففي الأفق يبدو أن الكثير من أبنائنا وبناتنا من يحاول أن ينير الكثير من الزوايا المظلمة ويبعث فيها الفرح والبهجة وهناك من علماء الأمة من لديه القدرة على فهم الدين الفهم الذي يقف مع عقل الإنسان وليس ضده، هذه الفتاوى كما قال أحدهم وكأنها بمثابة المحرك لاستثارة هذا المجتمع لكن بعضها يثير السخرية والاشمئزاز، علينا أن نرقب الشتاء القادم فربما هو مليء بالفتاوى أو الفتوى التي ضد الفتوى. وسلامتكم..

0 تعليق