الجدران الترابية

28 أكتوبر، 2011 | الخبز والصمت | 0 تعليقات

يدخل القاعة .. التراب يعلو اللوحات .. تلك فازت بمجموعة كبيرة من الجوائز .. وتلك فازت في .. وفي .. ابتسم بنفس المسافة .. مسيرة البكاء تتجه نحو حلقه .. الدموع تتجمع .. أسنانه السفلى تعض الشفة العليا .. يبتلع الألم ، الحسرة ، الهزيمة ..وممن ؟ من قريته ! . الجدران الترابية رفضت اللوحة لأنا عبرت عنها .. لكن بطريقة جديدة .. بصورة مختلفة .. غريبة منها .

حتى ظهره .. عبر النافذة كان ينظر إلى أشجار السرو الثابتة كخنجر حاقد .. لكنها منحنية هكذا قالت لها الريح : أما الموت .. وأما الصمود ، الوسط في كثير من الأحيان مفقود .. في أغلب الأحيان تافه لأنه يبحث عن الوجه .. عن اللسان.. عن الساق.جمع اللوحات في ثالث يوم من بدء العرض .. في سفره الطويل .. الطويل جداً عاد إلى وطنه رآهم وقد زالت ظفائرهم .. كانوا أكثر شجاعة أما الأن فهم أكثر أناقة . ذهب ليعرف الحياة فوجدها قد وصلت إلى قمة وحينما وصل كانت تنحدر – هذا في غربته – قريته .. تركت الجمل يأكله الجرب .. النمل لا يزال يجمع الطعام للشتاء . لا أحد .. حتى أولئك الأطفال تركوه يحمل اللوحات . الشارب الكث المتدي ينفرج . الفم الصغير الهازئ : –    الرمال تأكل النحل . الجمل يقتتات من سنامه . وأنت .. ذهبت بعيداً . انتظرناك طويلاً . طويلا ًجداً . وجئت – ضحكة استهزاء – بفرشاة تحمل الزيت لترسم به وجه الحضارة .. حتى عباراتك لم نعد نفهمها . أنت تعرف . الذكاء لا ينقصنا . أراد أن يتفوه . اليد المعرقة ترتفع . تجارب السنين . عروق زرقاء ينحسر عنها ثوب بلون التراب ، محروقة بلهيب الشمس . –    ماذا ستقول ؟ لم نفهمك ؟ الم تتعلم شيئاً في حياتك سوى حمل هذه الفرشاة الغبية.. علمنا كيف نوقف هذه الرمال؟ علمنا كيف نهزم المرض ؟ علمنا .. كيف ؟ كيف ؟ اليد المعروقة .. ترتفع . تهوى . سواعد كثيرة تشق الأرض ويخرج الماء . تبتسم العيون . يا للحزن .. بريشته كتب كل ذلك . لكنهم يرفضون . الليل يملأ الزوايا خارج القرية . كان اجتماع . متهم لا دفاع له . الوجوه على وهج النار تبدو صفحات بيضاء . بها سطور الألم . الحزن . الأفراح المجهضة . لوحات رائعة تتراقص أما عينيه .. أصابعه . دبيب يأكلها. جاءوا باللوحات . النار تشتعل في الوجوه الصارمة . في قلبه في يده . في أكوام الحطب أمامه . النار تأكل رسوماته . جميعها تحترق النخلة الخضراء وتحتها طفل يبكي كانت آخر لوحة . أحسب بها تصرخ . الألوان تضج بها . بلا وعي . يدخل يده في النار. لينقذها .. تتحول إلى شعلة تنهش يده . الطبيب : أصابعه أكلتها النيران . ظل يبكي طويلاً . الشارب الكث .. ينظر إليه. الفم الصغير ينفرج : –    أما الأن فقد فهمناك .. أنت انسان منهزم.

0 تعليق

إرسال تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *